كانت في الرابعه عشرة من عمرها حين خفق قلبها بالحب اول مرة.. كانت مثل باقي
زميلاتها في مرحلة المراهقة الاولى.. حين يعرفن الطعم الاول للحب .. لكن هي كانت
مختلفة لم يكن حبها كحبهن .. لم تكن تهيم بممثلي السينما ولا بعضلاتهم المفتولة.. ولم
تكن تسرح بتفاصيل المغنيين وتسهر مع اغانيهم .. ولم تكن تتلهف لاخبار الذكور
واسرارهم .. فهي كانت تحب الفتيات وتميل اليهن .. بالاحرى كانت تحب فتاة واحدة .. وفاء !
وفاء صديقتها المقربه والتي تجلس بجانبها على نفس الطاولة في المدرسه .. كانت
تشعر بنبضات قلبها تخفق بشدة لما تتلامس يديهما .. حين تحتضنها وحين تقبلها على وجنتها.. وكم كانت تتمنى ان تقبل شفتيها قبلة طويلة طول الدهر.
كانت الفتاتين قريبتين من بعض .. لا تكادان تتركان بعضهما الا لتعود كل منهن الى
بيتها .. كانت تعرف ان ما تشعر به لا يجوز .. فكل من حولها من العاشقات
الصغيرات قصصهن مع اولاد .. اما هي فمختلفة واخافها اختلافها وكتمت حبها في
قلبها.. تتقرب من وفاء على انها صديقتها وتستمتع بكل لحظه تقضيها معها .. الا ان
لوفاء قلب كباقي الفتيات ووقعت هي في شرك الاعجاب .. وجاءت في احدى
الامسيات تطير كفراشة من الفرح .. الى صديقتها تخبرها عن رسالة عشق وجدتها في
كتاب اللغه العربيه.. ودون ان تدري حطمت بسعادتها قلب صديقتها .
كان اسمها رجاء .. تحطم قلبها في المرة الاولى في سن الرابعة عشرة .. لكن قلبها
تعود فيما بعد الصدمات.. وزادت فيه الالام والتشققات .. كلما يكاد يبرأ بحب واعجاب
جديد سرعان ما يتحطم على صخرة الواقع .. فرجاء مختلفة عن زميلاتها البنات !
في الثانوية التقت رجاء اخيرا بفتاة مثلها .. صفاء .. فتاة جميلة طاغية الانوثه يرغبها اغلب الشباب الذي يراها.. لكن صفاء كانت مثل رجاء .. مثلية !
وجمعت الاقدار بين الفتاتين .. كانتا صديقتين في البداية .. وسرعان ما تكشفت لكل
منهما حقيقة الميول .. وكان لرجاء قبلتها الاولى ...كان ذلك في امسية ربيعيه كانت
تزقزق فيها اخر الطيور راحلة مع رحيل الشمس في الغرب .. وكانت الفتاتان تنظران
الى الغروب من شباك غرفة رجاء .. صفاء الفتاة الجرئية وذات التجارب السابقه ..
ولما لمست ميولا من رجاء تجرأت وقبلتها.. كانت رجاء قد تخيلت القبل من قبل ..
لكنها لم تكن في اقصى خيالها تتوقع روعه القبلة .. لما لامست شفتا صفاء شفتاها ..
احست فجاه انها فقدت وزنها وحلقت في عوالم اخرى .
بعد القبلة انهارت كل جدران بين الصديقتين وتعرفت رجاء عن طريق حبيبتها الجديده
صفاء على المثلية وعلى حقيقة ميولها .. وتبع بعد ذلك القبل قبلات .. وصار لرجاء
تجربتها الجنسية الخاصه .
واخيرا ارتاح قلب رجاء.. واكتشفت انها وان كانت مختلفة الا انها ليست وحيدة .. وان
اختلافها لا يجعلها اقل من باقي الفتيات .. فرجاء كانت متفوقه نجحت بامتحانات
الثانويه ودخلت الجامعه .. ولعب القدر الى جانبها فدخلت صفاء معها نفس الجامعه ..
وعاشت الفتاتان اجمل ايامهما في الجامعه.
لكن السعادة لم تكن كامله فقد كان عليهما مداراة الحب وتحمل معاكسة الشباب.. كانت
تتمنى رجاء لما ترى شاب وفتاة يمسكون بايدي بعض ان تتمكن هي الاخرى من ان
تمسك بيد حبيبتها ان تتمشيا معا كالعاشقين ان تعرف بها زملاءها على انها حبيبتها ..
لكن ذلك كان مستحيلا.
وكثر الخطاب الطالبين ليد رجاء .. لكن الجامعه كانت حجتها .. ومرت السنون بسرعه
وتخرجت رجاء ولم يعد لديها حجه.ولانها في مجتمع حدد للفتاة قطار لابد ان تركبه
والا فاتها وصارت بنظر مجتمعها عانس ووضعوها في مربعات الريبه والشك
والشفقه .. ضغط عليها اهلها لتقبل اول عريس يتقدم بعد رفضها الطويل المثير للشكوك.
ما كان من رجاء الا القبول .. او الاعتراف بالحقيقة والموت ! فاعترافها بميولها التي
لم تخترها ولم يكن لها يد بها في مجتمع يعتبرها عار معناها انها تحكم على عائلتها بغسل هذا العار بدمها !
وما كان للفتاتين الا الاستسلام للامر الواقع .. كانت ليلة حزينه حين جلست رجاء
تجهز نفسها لعريسها وحبيبتها صفاء التي اجبرت هي الاخرى على تقبل عريس
وصارت مخطوبة معها في الغرفة لا تملك ان تمسك دموعها التي حسبها الجميع دموع
فرحة ولم يدري احد انها دموع لوعة وحرقة.. اما رجاء فكابدت وحبست دمعها في مقلتيها !
احتضنتها صفاء طويلا قبل خروجها من الغرفة .. ارادت ان تحتضن كل لحظه اخيرة
معها .. وخرجت رجاء مبتعدة الى عريسها وحياة جديدة فرضت عليها ....
حاولت رجاء التأقلم مع وضعها .. لكنها ما كانت تستطيع ابدا ان تحب زوجها ..
حاولت ان تكون زوجة صالحه ان تلبي احتياجات بيتها ورغبات زوجها .. كانت تقرف
حتى بالتفكير بالعلاقه لكنها تحاملت على نفسها.. فوضعها كمطلقة سيكون عليها اصعب
مما تعيشه !
اليوم لدى رجاء طفل رضيع .. وصفاء لديها ابنة جميلة .. لكن صفاء ورجاء ما زالتا
تتلقيان .. تحاولان ان تعيشا ما تبقي من حطام حبهما المخلوط بطعم الخيانة وبمرارة
النقمة من المجتمع والظروف ....!