رغم حلاوة السفر .. الا ان المطار ملئ بالاحزان والوداع ..ارى الدموع فيه في كل مكان .. قبلات لا تريد ان تنتهي واحضان لا ترغب ! ان تفترق .. لانها تعلم انها ستعذبها بعد المسافات
كنت دائما حين اسافر عائدا الى بلدي اكون فرحا مرحا.. لا اكاد انتبه الى المشاعر حولي والاحضان الحزينه والقبلات المالحة من الدموع التي تغرقها.. فقد كنت اخذ حصتي منها في الاتجاه المعاكس حين اغادر بلدي من جديد
اما هذه المرة فان الامر مختلف فاني ساسافر واترك قلبي ورائي ...
بالكاد نمت ليلة امس كنت اضع راسي على صدره كثيف الشعر واستمع الى نبضات قلبه السريعة المتنهدة بين ضلوعه .. كان حزينا .. يداعب شعري بين الحين والاخر ويطلق تنهيدة تشق سكون الليل في الغرفة .. ويردد الجمل ذاتها .. كيف سانام في هذا السرير وحدي؟.. كيف استطيع النوم وهو لا يحلو لي الا بضمك ؟ .. كيف ساعود من عملي ولا تستقبلي بقبلة منك ؟.. وكيف سيحلو لي طعم الاكل وانت لن تشاركني فيه ؟ .. لم اكن اعرف كيف اجيبه .. حاولت اقناعه ان الوقت يمر بسرعه وما البث ان اذهب حتى اعود .. لكن للوقت اجندته الخاصه فحين يمر مر الكرام علينا في لحظات الفرح واللقاء .. يمر ثقيلا زاحفا فوقنا يكاد لا يتحرك وقت الحزن والفراق
اتذكر ذلك فاصمت لاني اعرف ان وقع الوقت عليه سيكون اشد واقسى .. اداعب لحيته الخفيفه الشائكه وشعره الحريري الناعم .
ان حبنا ما زال في بدايته يعيش احلى ايام طفولته ويخطو خطواته بين قلبينا طفلا رقيقا نحرص عليه فرحين بضحكاته وكلامته الاولى... وكان سفري هذا هو الفراق الاول وكان صعبا عليه اكثر لانه هو من سيبقى وحيدا بينما ساكون محاطا انا بعائلتي
جاء معي الى المطار واحتضنني يريد ان يدخلني الى ما بين ضلوعه ويحبسني في قلبه لا اغادره .. ولكن الفراق قد حل وفرض علينا نفسه ودعته وصعدت السلالم الكهربائية .. التفت مرة نحوه ولم اكررها لم ارد ان ارى وجهه الحزين وعينيه الدامعتين
وكنت انا قد بدأت اشعر بثقل الفراق يحطم اضلعي .. وبفراغ كبير يحل في قلبي لم اكن اعي حقا اني سابتعد عنه الا تلك اللحظات التي !فصلنا باب زجاجي لا يحق له ولوجه ورفعتني بعيدا عنه تلك الادراج الكهربائية ...
يا للحب حين يدخل القلب يحتله ويجعل كل شئ في الدنيا بكفة وهو بكفة لوحده .. يتربع على العرش .. نحب عائلتنا .. نحب اصدقائنا .. نحب اوطاننا .. ولكن ذلك الحب بين اثنين اذا انتشر في القلب .. قد يصل به الامر ان يجعلنا نتازل ونضحي بكل شئ من اجله
نعم اشتاق لوطني لشمسه الباسمه .. لاشعتها الرقيقة تدعب وجهي.. لنسماته العليلة تجول في شعري
الى شاطئه الذهبي وامواجه تداعب قدمي .. الى شجر الزيتون الصامدة والى سماءه تغرقني ببسماتها الزرقاء
اجل اشتاق لامي ولحضنها الاخضر بلون الجنة وكفيها نبع الحنان وقبلتها همسة الحياه .. اشتقت لامي تقبل وجنتي وتدعو لي في الصلاة
الى اهلي الى اصدقائي لي شوق بكل تاكيد
لكن قلبي قرر مغادرتي والبقاء .. لم يرد ان يسافر معي فللحب سلطة لا تقاوم .. واستسلم لها قلبي خانعا
اسافر اليوم تاركا ورائي قلبي والاشواق .. اسافر وقد صار لي بطرفي الرحلة ليل من الشوق واحضان تنتظر اللقاء