ملاحظه : البريد الالكتروني في القصة بريد وهمي وان كان وجد بريد الكتروني مثله فذلك مجرد صدفة
العنوان :
حلقة الامس
المرسل :
Ana_mn_akon21@hotmail.com 04:51 PM
.
السيد كريم المذيع الموقر اما بعد
كنت من بين كثيرين ممن شاهدوا حلقة الامس من برنامجك الاسبوعي.. كنت من اؤلائك الكثيرين ليس الذين هللوا لحلقتك بل من الكثيرين الصامتين .. قابضين على الجمرة تحرقهم ويبكون بدموع مكتومة يخفونها عن الجميع .. تلك المجموعة التي لم تتعب نفسك لتبحث قليلا عن احوالها .. عن وضعها .. التي فتحت عليها النار متماشيا مع قطعان المجتمع المغيبة وتلاعبت بعواطفهم الدينية والوطنية على حساب فئة لم تؤذ احدا .. فئة كل ذنبها انها كانت مختلفة .. وانها تحاول ان تجد الحب الذي تفتقده.
جئت متحاملا متحمسا وفتحت النار علينا .. نحن المختلفين في حلقتك "النارية" امس والتي اعتبرتها جريئة لتتحدث عن المثلية .. او كما اسميتها انت الشذوذ .
تعتبر نفسك مثقفا لكن اعذرني سيدي فان حلقتك امس لا تدل الا على جهل .. فكيف لمثقف لا يبحث عن الحقيقة لطرح اي موضوع .. فلو قمت ببحث علمي موضوعي بسيط لما قلت ما قلت .. ولا كنت قارنت المثلية بالمخدرات والمثليين بالمفسدين المزروعين من قبل الغرب لتدمير حضارتنا العربية والاسلامية !
ولكنت استضفت اناس محيادة تتكلم عن الموضوع وما اكتفيت ببضع مشايخ يرددون كلامهم امام الناس دون تفكير بعواقبه .
تكلمت وتوسعت عن المثليين " فاقدي الرجولة " وخلطت الحابل بالنابل المثليين بالمتحولين بالدعارة لتخرج بموضوع مثير .. دون ان تراعي اي مصداقية او ان تعي معنى رهاب المثلية .. تظن نفسك مصلحا اجتماعيا وتريد ابادة فئة كاملة في مجتمعك لا يمكنك التغاضي عنها وعن وجودها .
المثليين والمثليات يقدرون ان يردوا عليك ورغم ما اثرته من غثيان في نفسي حين تكلمت عنهم الا ان اكثر ما مسني هو كلامك عن "المخنثين" " الجنس الثالث" وانت تقصد بهم المتحولين او الترانس .. فكم كانت معلوماتك كلها مغالطة وجهل !
قد تتساءل من انا حتى اكلمك هكذا .. ولك الحق في ذلك .. فانا لم اعرفك على نفسي بعد
انا .. لا يهم اسمي .. ولكني ولدت فتاة .. أ تعرف ما معنى ان تكون فتاة في مجتمع كالذي تدعو اليه حضرتك ؟ .. طبعا لا فانت رجل شرقي الفتاة بالنسبة لك وليمة على سرير .. أ وليس كذلك ايها الفاضل ؟ فان علاقاتك الغرامية ما عادت تخفى على احد ولا ادري باي حق تأتي لتكلمنا عن الفضيلة .. ليس هذا موضوعي عموما .. لذلك لا اعتقد انك تعلم ما معنى ان تكون فتاة .. معناه ان تكون عار .. وفوق هذا الحمل .. وجدت نفسي بفتاة ليست كالفتيات .. جسدي مثلها ولكني بداخلي لم اكن احداهن .
هل فرض عليك احدهم مرة ان تلبس ما لا يلائمك ؟ قميصا ضيقا او ثوب امراة بدل من بنطال ؟ هل تتخيل شعور ان تلبس ما لا تطيق مرغما ؟ انا البس جسدا ؟ جسدا مرغم انا ان البسه
لا ادري لمن اوجه لومي .. لكني وجدت نفسي به .. واعلم انني ممكن ان اخلعه عني واجعل لي جسدا يلائمني .. ولكن كيف لمجتمع رواده كأمثالك ان يتقبل هذا التغيير ؟
كنت فتاة صغيرة بعقل صبي .. الاعبهم واجري معهم .. ارفض الفساتين والاثواب واشتري سراويل الجينز وتي شيرت فرق رياضية .. واحذية كاحذية الصبيان .. لم يكن يهتم اهلي كثيرا لذلك .. بالعكس رأوا بي فتاة بمئة رجل .. وكم هو تعبير سخيف هذا التعبير .. لكن انا كنت اواجه مشكلة حقيقية في داخلي .. فرغم اني كنت دائما معهم اعتبر نفسي صبيا مثلهم الا اني بقيت بالنسبة لهم تلك الفتاة "المسترجلة".. اثير ضحكاتهم اذا ما تصرفتم مثلهم .. يظنون اني اقلدهم ولكن حراكتي تلك كانت اقوى مني .. لم اكن اقدر ان اتصرف كأنثى !
كم كان يضايقني ذلك الشق بين رجلي .. كنت انتظر ان ينبت لي عضوا كعضو اخي .. لكن ذلك لم يحدث .. كنت لا اطيق التبول بوضعية الجلوس وكم حاولت ان افعل ذلك واقفا مثلهم .. طبعا لم تنجح محاولاتي !
قد يضحكك ذلك وتشعر بسخافة الامر .. لكنك لا تستطيع ان تفهم حجم المعاناه ان تكون شيئا وجسدك شئ اخر لا يتلائم مع حركاتك وتطلعاتك واحلامك .. تشعر به بانك عاجزا .
الاشكالية الاكبر بدأت حين دخلت مرحلة المراهقة وبدأ ينمو لي نهدان .. كم كان ذلك مفزعا ومؤلما .. وكم كنت اتخيل ان امسك سكينا واقطعهما .. لكن وجدت طريقة اسهل لاخفيهما .. ان الفهما بقطعة قماش اشدها فتخفي معالم تلك الكتل التي كانت تشوة جسدي المشوه اصلا .. اخفي ايضا شعري تحت قبعة واجري بعد المدرسة العب مع الصبيان واتشاقى مثلهم .
لكني صرت بعمر كان يجب ان يفصلوني عن الصبيان وان يعيدونني لحقيقة وضعي .. انثى جسدها مطمع للذئاب .. وكانوا يريدون ان البس الحجاب .. كان شعري يضايقهم .. كان يضايقني ايضا ووجدت الحل .. حلقته كله .. وصرت حليق الرأس كصبي .. وجئت لامي لاقول لها ان لا حاجه لتغطية شعري الان لاني تخلصت منه !
كانت صدمة امي كبيرة وكانت يديها والضربات على جسدي هي ردة فعلها .. وحذرتني ان اكرر الكلام امام ابي فسنكذب عليه قصصته لان هناك علة في راسي استوجبت ذلك .. ورغم هذا كله البسونني الحجاب .. وكانت رغبتهم اجتماعية اكثر منها دينية ..وجحبني فعلا ذلك الحجاب .. في البداية كنت اخلعه واذهب للعب مع الصبيان .. الذين اصلا بدأوا يبتعدون عني .. وكنت اعاقب كل مرة فعلتها .. فما كان مني الا ان اتقبله .. فزادت ظلماتي ظلمات ففوق ظلمة الجسد المعتم الذي اعيش فيه القوا عليا حجابا يثقل قيدي .
ثدياي كان صغيران لم يكبرا كثيرا .. وتلك الدورة التي تصيب النساء كل شهر لم تأتني .. واسعدني ذلك فعلى الاقل انا مختلف عنهن .. عرضوني على طبيبة قالت انها مشكلة هرمونات .. واعطتني ادوية لم اكن اتناولها .. ومع بلوغي الثانوية فصلوني نهائيا عن الاولاد .. كنت في مدرسة للفتيات .. وزاد ذلك من عزلتي وغربتي .. لم اكن استطع ان اتصرف مثلهن .. حاولت ان احاكيهن ان اتقبل واقعي .. ان اتابع مجلات الازياء واضع المساحيق واشتري العطور ..دون فائدة .. فواقعي انا ليس هو ذلك بل هو اني بجسد ليس لي .
اهلي في تلك المرحلة بدأوا يفكروا كيف ساجد عريسا مع انهائي للثانوية .. لكني انا كنت افكر بطريقة لتخلصي من جسدي وقيدي .. صارحت امي .. قلت لها اعتقد ان بي خطب ما فانا لست فتاة .. انا ذكر .. ادعت اني ما زلت مراهقة لا ادري ما اريد
ولكن انا اعرف فعلا ما اريد .. وما كان مني الا ان توجهت لتلك الطبيبة وشرحت حالتي .. فقالت ربما يكون لدي اضراب بالهوية الجنسية .. وطمأنتني ان لذلك حل .. ولكن من سيساعدني على ذلك الحل ؟ فاهلي كان اول من اعترض .. ومنعوني حتى ان اذهب لارى طبيبا نفسيا .. فسمعة العائلة طبعا اهم من صحتي وحياتي !
وانا يا سيدي على عكسك قمت بابحاثي وفهمت ما بي وعلمت انني استطيع ان اقوم بعملية تصحيح ولكن كيف لمجتمع تبث انت ومن هم في مواقع يصلون بها للناس كالمنابر في المساجد والمنابر الاعلاميه تبثون سمومكم وتعصبكم ضد اشخاص ما ارتكبوا ابدا جرما بحق احد .. ارادوا فقط ان يعيشوا ان يحبوا ان يكونوا هم !
اكتب لك قليلا من واقعي ولك ان تتخيل كيف لشخص ان يعيش بجسد ليس له بل وجد نفسه به .. لعلك تفهم ان ذلك ليس خيار .. والا اشرح لي انت .. هل تعلم لم انت رجل ؟ ولم تميل للنساء ؟.. لست تدري .. وربما تقول ان هذا هو الطبيعي .. وانا اقول لك يا سيدي انك مخطئ .. فالطبيعة اغنى وفيها تنوع كبير .. فهنا من هم رجال ولهم ميول نحو الرجال وهناك من هم رجال لكنهم بجسد نساء .. انت وجدت نفسك كذلك وهم وجدوا نفسهم بتلك الحالة .. لا تبديل للوضع .. فقبل ان تطلق النار عليهم .. وتحرقهم في ميدان عام وتتهمهم انهم عملاء للصهيونية والماسونية .. فكر بعقلك قليلا .. ضع نفسك مكانهم لثواني .. لم نطالبكم بشئ كل ما اريده هو ان اكون انا .. فما ضر المجتمع ان انا عشت واحببت كالاخرين .. لما لديك الحق انت ان تنتقل من فتاة لاخرى وتشبع رغباتك وعواطفك .. ونحرم نحن من ذلك .. السنا كلنا بشر لنا قلوب تنبض وتحب ؟
انا ما زلت حبيسا لجسدي لكني لن استسلم ساسعى حتى احصل على حريتي رغم كل العقبات ورغم انف كل المتعصبين .. انا حياتي ستكون ملونة خارج قطيعكم الرمادي!
ستكون كلماتي بخارا يختفي فور ان تقرأه فالعصبية متغلغلة فيك ولا يهمك الا الانتشار .. ولكني ارجو ان يكون بك بعض مصداقية فانت تعمل في جهاز خطير يصل الى كل البيوت .. فكر في كل اؤلائك الذين يشاهدون ولا يملكون الان ان يبكوا بصمت ...
سجين جسده